تَحرَّكتُ بهدوءٍ من مكاني إلى تحت الشجرة الأولى. ومن خلال النافذة ألقيتُ نظرةً على ما يحدث في الداخل. بدا لي أن الكلب المصلوب يتململ ويُحاولُ أن يفكَّ أطرافه المشدودة إلى الطاولة؛ فعاوَدَتني الرَّجفةُ السابقة بينما كان رضا أبو شنب يَحقِنُه بمزيدٍ من المخدِّر ليهمد. سرحتُ قليلًا في الكلب المصلوب، ليس في مصيره المحتوم بالطبع، لكن في الطريق التي أوصلته إلى هنا، وفي الصُّدفة العجيبة التي جعلتني ألتقي به وجهًا لوجه في غرفة عمليات واحدة. أنا الذي عِشتُ عمري كله في رُعبٍ دائم من كلاب الشوارع، أقف في غرفة واحدة مع كلب، صحيح أنه تحت تأثير المُخدِّر، لكنه في الأخير كلب، كلب أسود مُخيف، ليس لأنه أسود؛ لكن لأن كلَّ كلبٍ مُخيفٌ. ارتجفتُ من جديد، وخُيِّل لي أن الطقس يزداد برودة"""". ومنذ التقى أسلافنا بالكلب لأول مرة، قبل ١٤ ألف سنة قبل الميلاد، لم يتوقَّف الكلب عن وَلائِه ومَحَبَّتِه غير المشروطة للإنسان.